- في نظري إن أغيرَ بيتٍ -إن جاز التعبير- هو
ثالث هذه الأبيات:
يُشَبَّهْنَ مِنْ فَرْطِ الحَيَـاءِ كَأنّها ... مِرَاضُ
سُـــــلالٍ أوْ هَوَالِكُ نُـــــزَّفُ
إذا هُنّ سَاقَطْنَ الحَدِيثَ كَأنّه ... جَنى النّحْلِ أوْ
أبكــــارُ كَرْمٍ يُقَطَّفُ
مَوانِعُ لِلأسْـــــــرَارِ إلاّ لأهْلِهَـا ... وَيُخلِفنَ
ما ظنّ الغيورُ المُشَفْشِفُ
وهي أبياتٌ من إحدى أروع قصائد الفرزدق، إن لم تكن أروعَها
على الإطلاق -بالرغم من طول البحر وجفاف الرَّوِيِّ- لأنه قرضها على حين استفزازٍ تعرَّض
له من فتًى أنصاريٍّ طلب منه أن يعارض قصيدة لحسان بن ثابت -زعم الأنصاري- أن العرب
أجمعت على تفضيلها، وقصيدة حسان هي قوله:
* ألم تسأل الرَّبْعَ الجديدَ التكلُّمَا *
و"الغيور المشفشف" في أبيات الفرزدق هو شديد الغيرة
الذي بات نحيلَ الجسم من فرْط الغيرة، فقال الفرزدق: إن هؤلاء النسوةَ يتحاشيْنَ أن
يقع في أي صغيرة أو كبيرة تُثير غيرة رجالهنَّ، وأنَّ ذلك الغيورَ حتى لو توسوس له
نفسُهُ بشيءٍ فإنهنَّ لا يقعْن فيه أبدًا، وهذا الوصفُ بلغ الغايةَ في وصف غيرة الرجال
وفي وصف حياء النساء وشدَّة حفاظهنَّ على أنفسهنَّ.
تعليقات
إرسال تعليق