- بين الكتابة واللغة.


- قال العظيم الأوَّلُ -سبحانه-: "الرحمان، علَّم القرآن، خلق الإنسان، علَّمه البيان".
وقال -عز وجل-: "ن، والقلمِ وما يسطرون".
من عجيب الحِكَم الإلهية هذا الموضعان الكريمان من القرآن العظيم، فالموضع الأوَّل يعدِّدُ أجلَّ نعم الله على هذا المخلوق الكريم، وهي ثلاث نِعَمٍ:
• نعمة تعليم القرآن.
• نعمة الخَلْق في حد ذاته.
• نعمة تعليم البيان.
ولا شكَّ أنَّ البدء بالشيء يدلُّ على خطورته عند المتكلم، فتعليم القرآن أعظم الكرامات، وخَلْقُ الإنسان ثانيها، وتعليمُهُ البيانَ يليها، والنكتة التي أردتُّ التنبيه عليها أنَّ الله قَرَن هذه النعم بالرحمة في اسمه "الرحمان"، فتعليم البيان هو من رحمة الله بهذا الإنسان، والبيان يكون بالكلام المسموع والمكتوب وإن كان في أوَّلِهما أظهرَ وأجلى.
والموضع الثاني تظهر حكمتُهُ في أن الله -تعالى- أقسم بالقلم وبما يسطرون، وهذا يعمُّ كلَّ قلمٍ وكلَّ ما سطره الساطرون أي: كتبوه بأقلامهم، لأن العموم في "القلم" آتٍ من جنسيَّته، وفي "ما يسطرون" آتٍ من الاسم الموصول وهو أحد الأسماء المبهمة التي تفيد العموم.
والإشارة المستفادة من الموضعين هي أن البيانَ الإنسانيَّ بلغ من العظمة أن أقسم الله به، ولا يقسم ربُّنا إلا بشريفٍ عنده -سبحانه وتعالى-، ومن بركاته هذا القَسَم الإلهي نجد التراث الإنسانيَّ الذي حفظتْهُ لنا الكتب منذ أقدم العصور، وذروة سنامه هو التراث العربيُّ الإسلاميُّ الخالد بفضل الله وكرامته.
والله أعلم.

تعليقات