- "التحديث" يمسُّ العلوم الشرعية!



- هناك دعوات كثيرةٌ لتجديد العلوم الدينية التي عرفها المسلمون منذ القرن الأول للهجرة النبوية وحتى العهد العثماني، شأنها شأن كل النظريات والقواعد في مختلف العلوم الرياضية واللغوية والفيزيائية والفلكية التي خضعتْ لسلطان "التحديث"، والمقصود من التحديث هو التشكيك في القديم جملةً وتفصيلًا: الإنسان القديم، والتاريخ القديم، والعلوم القديمة، واللغة القديمة، والقِيَم القديمة.. وحتى الأديان القديمة، ومِن ثَمَّ إمرارُها على مِحَكِّ المادِّيَّة الصلبة، والتي ترفض كثيرًا من تلك الأصول "القديمة" مهما كانت "يقينيَّتُها"... 
هذا حديثٌ طويلٌ!
ولكنْ هالني أن أجدَ على صفحات هذا الأزرق؛ تأصيلًا جديدًا لهذا التحديث الذي يريد صاحبُهُ هَدْمَ العلوم العربية الإسلامية التي اعتمدها الفقهاء واللغويون حتى عصر الإمام الشاطبي، وكأنه يجعل فاصلا حقيقيًّا للنظر في النصوص بين عصر "ما قبل الشاطبي" وعصر "ما بعد الشاطبي"، فالمرحلة الأولى هي مرحلة بدائية ترتكز "فقط" على اللغة لاستخراج الأحكام من النصوص، أما المرحلة الثانية فهي نظرة أكثرُ شمولية وأوسع لأنها تتطرق للأخذ بعين الاعتبار الظروف الاجتماعية والنفسية وووو لاستقاء الأحكام الشرعية من نصوص القرآن والسنة!!
وهذه "الدعوى" الزائفة لا تعدو أن تكون شكلًا من أشكال التحديث العَلماني المركَّب الذي كان يُظَنُّ أنه يمسُّ علاقة المؤسسة الحاكمة بالأديان فحسبُ -رغم فظاعة هذا الأمر أيضا-، ولكنه أمسى يضرب كلَّ "قديمٍ"، حتى أصبح القديم سُخريةً وعيبًا وداخلا في باب النكت والطرائف التي يتضاحك بها القوم، وأصبحت "أصول الفقه، وعلوم البلاغة العربية، وعلوم الحديث، ..." بحاجة إلى تجديدها وإعادة بنائها بـ"رؤية معاصرة" غير "تقليدية"، وهذاالتلبيس الأثيم في كلمة "تقليدية" لا ينقص إثمًا عن كلمة "تحديث"، فالتقليد عندهم هو اتباع القديم -بغض النظر عن صحته أو عدمها-، والتحديث هو اتباع العصريِّ... أيضا دون النظر في صحته أو عدم صحته!!

أي: أصبح الحقُّ في حداثة الفكرة لا واقعيَّتها !!


رسالةٌ آمل أن تصل!

تعليقات