- يقولون أهل اللغة: إن التنزُّهَ هو البعد عن الأرياف والمياه،
وقال ابن السِّكِّيت: "ومما يضعه الناس في غير موضعه قولهم: خرجنا نتنزّه، إذا
خرجوا إلى البساتين".
فابن السكيت يرى هذا استعمالا خطأ، ويوافقه الفيرزآبادي بقوله:
"واسْتِعْمالُ التَّنَزُّه في الخُروجِ إلى البَساتِينِ والخُضَرِ والرِّياضِ
غَلَطٌ قبيحٌ".
وأظنه ليس بذلك القبح، لأن أصل المادة يدلُّ على البعد والخُلُوِّ
من المرض والقذارة والسوء، والاستعمال العامِّيُّ الذي أنكره ابن السكيت لا يخرج عن
تلك المعاني، لأن الخروج إلى البساتين والرياض هو تباعدٌ من مكانٍ إلى مكانٍ أحسنَ
منه وخيرٍ منه، ولكنَّه يبقى على أي حال توليدًا في المعنى*.
__________________________________
* التوليد نوعان: لفظيٌّ ومعنويٌّ، واللفظي هو اختراع لفظٍ
جديدٍ داخلٍ في وِزان العربية ولكنه غير مسموع من العرب كتوليد أهل الحديث لمصطلح
"الوِجادة" بمعنى الرواية عن طريق الكُتُب الموجودة، وهذه اللفظة "الوِجادة"
-بكسر الواو- غير مسموعة عن العرب، والنوع الثاني هو التوليد المعنوي ويُقصَد به الحفاظ
على اللفظ المسموع وإدخال معانيَ جديدة تحته، وهنا يتباحث اللغويون والأصوليون المجاز
والعُرف ونحوها...
تعليقات
إرسال تعليق