- علوم اللغة الحديثة والفلسفة المادية.

- كذبةٌ تلك التي يقول أصحابها: إن كل الكتب مفيدة!
بعض الكُتُب لا تفيدك إلا في أن محتواها باطلٌ وسخيفٌ إلى الغاية، وتزداد السخافة مع تعدد الأبواب والفصول والمسائل المبحوثة، وأنا هنا أتحدث عن موضوع سبق أن ذكرتُهُ لكم: علوم اللسانيات وما تعلَّق بها من عشرات الفروع الحديثة المرتبطة بعلم النفس وعلم الاجتماع والصوتيات وفقه اللغة وتاريخ اللغة ونحوها، وأنتم تعلمون أن الرُّوَّادَ الأوائل لهذه الفنون السخيفة هم الغربيُّون، وذلك مع التحول التاريخي الكبير الذي حدث في العقل الأوروبي مع طرد الكنيسة من الحياة وإحلال "العقل المادي الأداتي" محلَّ العقل الغيبي القِيَمي، حيث أمسى التفكير لا يتجاوز المحسوس ودراسات العلوم مقتصرةً على ما يمكن "قياسه وحسابه" فقط، وهذه هي "الفلسفة المادية" التي جنتْ على العلوم والفنون كما جنى الفكر المادِّيُّ -عمومًا- على كل ميدان السياسة والاقتصاد والحياة الاجتماعية... صارت اللغة -من خلال المنظور الحداثي- مُنتَجًا كمِّيًّا تُحسَب قيمتُهُ -ليس من خلال القيمة الروحية المقدَّسة بالفطرة- وإنما على حسب ما يُدِرُّهُ من أرباح، فالنصُّ المتفوِّقُ ينبغي أن يداعب "الجنس" والمتعة "الجسدية" ويجعلها موطئًا سهلًا لأي أحد، والنصوص الفاشلة هي التي يصفونها بأنها تمثل "الأدب الكلاسيكي" الذي لا يثير أيَّ متعة!

"الرعن" لهذا السخيف "لخضر بوجدرة" تبدأ بالكلام عن الجنس بحيث يظنُّ القارئ أنه يتحدث عن زريبة فيها مجموعة خرفان ونعاج متهارشة، هذه الرعونة التي يقدِّمها "بوجدرة" في روايته هي أساس النجاح في النقد الحديث وعلوم اللغة الحديثة، ومن حاول تزكية هذه الاتجاهات الجديدة في النقد وفهم اللغة فلا بد أن يصطدم بإشكالية "النصوص المقدَّسة"، لأنها علومٌ جاءت لنزع القداسة عن الكتب السماوية، سيكون حينها في مواجهة بين الإيمان والكفر!

تعليقات