- اللسانيات بين الحديث والقديم.

- كثيرٌ من القواعد والنظريات التي تحدَّث عنها اللسانيُّون في هذا القرن المنصرم؛ لا تعدو أن تكون صيغًا ومصطلحاتٍ جديدةً لما كان يعرفه علماءُ النحو وفقهاءُ اللغة عبر التاريخ الإسلامي الحافل، وهذا ليس تقديسًا للقديم ولا رفضًا للمستورَد؛ بل تحقيقٌ لِمَا أنتجه هؤلاء الغربيُّون في هذه العلوم الحديثة، لأنه لا يمكن القبولُ بكلِّ ما يُكتَبُ ويُقدَّم لنا على أساس أنه "فوق النقد"، وكثيرًا ما وجدتُّ "المترجمين"* العرب يقبلون بالمتناقضات من مختلف المدارس الغربية الحديثة التي اعتنى أصحابُها بدراسة علوم اللغة، وأحيانا نجد أعزَّاءَنا المترجمين متورِّطين في سوء فهمٍ مبنيٍّ على سوء فهمٍ آخَرَ لبعض اللغات التي يُجْرُون عليها "تجارب" قصدَ مقارنتها مع اللغات المشهورة، فمثلًا نجد الدكتور صلاح الدين حسنين في كتابه "الدلالة والنحو" يُسَوِّغُ أن تكون كلمة "النهر" في بعض اللغات تأتي على صيغة الفعل لا الاسم! بمعنى أن النهر -ذلك الماء الجاري- هو عند بعض الأقوام فعلٌ لا اسمٌ! وهذا منتهى العَجَب وضياع التحقيق في المعلومة البديهية التي تقول: إن الكلمة حين تدلُّ على شيء يمكن الإخبار عنه بخبرٍ ما؛ فإن تلك الكلمة اسمٌ لا غيرُ**، وهذه معلومة منطقية ليست خاصة بالعربية!
فتنبَّهْ!
فتأمَّلْ!
_______________
* استعملتُ كلمة "المترجمين" لقلة المحققين في هذا الميدان!

** هذه هي العلامة الوحيدة التي تصلح على جميع الأسماء في العربية، ولكنها في الوقت ذاته هي العلامة التي تصلح لكل اسمٍ في أي لغة كانت لكونها علامة منطقية.

تعليقات