- سمعْنا عن "حقوق الإنسان" وعن "حقوق الحيوان"، ويبدو أن
الموضة الجديدة التي سيصدِّرها لنا الغربُ المادِّيُّ هي "حقوق الشيء"، وهذه
الحقوق تتمثل في: حق الوجود، حق الكرامة، حق الإهانة، حق الانعدام، حق التفكُّك، حق
الانبياع والانشراء!
لعلكم تظنُّون أني أتحدث عن الشيء الذي هو الجماد؟
لا؛ بل أتحدث عن "الإنسان الشيء"، فالتراكمية العَلمانية -أو بالأدق:
الواحدية المادية- تسعى لتشييء الإنسان، وجعلِهِ مجرَّدَ جمادٍ قابلٍ للقياس ومجرَّدَ
رقمٍ في عالَم الأرقام، بحيث تُلغَى كافةُ المشاعرِ والأعمالِ القلبية التي لا تخضع
للقياس، سوف يُلغَى الإيمانُ والقيمُ الأخلاقية لدى هذا "الإنسان الشيء"
لأنه لا مكان لهما في عالم المادَّة، بعدها سيكون هؤلاء المنظِّرون والمُفعِّلون لهذا
الدين المادِّيِّ -كما يسمِّيه بعضُ المفكِّرين اليهود الناقدين للعَلمانية- سيكونون
مضطرِّين لوضع لائحة تضبط حقوق "الشيء"، سيكون له حق الوجود، ويقابله حق
الانعدام أي تضييع الوجود = أي الموت عند الإنسان الإنسان، فإلغاء وجود هذا الشيء لا
يضرُّ إلا بمقدار منفعته المادية، فإن لم تكن له منفعة مادية فإلغاء وجوده أفضل!
وسيكون له حق الكرامة ويقابله حق الإهانة، لأن المبادئ الروحية غائبة عن هذا
الإنسان الشيء فتستوي الكرامة والإهانة بالنسبة إليه!
يكون له حق التفكك، لأنه عبارة عن كمية من الأجزاء المترابطة التي قد تقبل التفكك
عن بعضها، إذْ لا عاطفةَ تمنع ذلك التفكك!
وسيكون له حق الانشراء لأنه في النهاية شيء = سلعةٌ ذات قيمة ثمنيَّةٍ معيَّنة
حسب السوق!
ومظاهر هذه المرحلة من تشييء الإنسان وجعله رقمًا في عالمٍ رياضيٍّ بحتٍ؛ تغزو
الفكر الإسلامي بشراسةٍ... مع كل الأسف!
تعليقات
إرسال تعليق