- كثيرٌ
من النظريَّات المطروحة في هذا العلم وما انبثق عنه من فروع خلال القرن الماضي؛ مبنيةٌ
على مغالطات في التاريخ البشري على هذا الكوكب، لأن الغربيين الذين كتبوا في هذا الميدان
-وهم العمدة في ذلك- ينطلقون من مبدإ "التطور" في تجلِّياته الباطلة كنشأة
اللغات الإنسانية، وتطور العقل البشري على حدِّ زعمهم، والمترجمون العرب أو المؤلفون
-وغالبهم مقلِّدون- يُمرِّرون هذه الظنِّيَّات على أنها مُسَلَّماتٌ لا يجوز النظر
فيها، وهو ما يأخذهم إلى نتائج بلغتْ في التناقض مبلغا بعيدا، بغض النظر عن كون الفصول
المهمة من علم الدلالة ليست إلا تكرارا لما بحثه النحويُّون وفقهاء اللغة العربية منذ
أقدم عصور التدوين العربي، فنظرية الإعراب وتغيير الحركات لأجل المعنى وما يصطلح عليه
أهل الصرف في عباراتهم "الزيادة في المبنى تدل على الزيادة في المعنى" وما
إليها من قواعدَ؛ مبحوثةٌ في علوم العربية، وليس علينا سوى البحث فيما كتبه علماؤنا
والتوسع بالنقد وإعطاء قراءات جديدة أو بناء نظريات وفق التسلسل العلمي المنطقي، لأن
الباحث الغربيَّ لا يسوغ له مطلقا أن يتكلم عن العربية إلا حين يكون مُلِمًّا بها إلمام
الفارسيِّ سيبويه! وأين هذا من دي سوسير ونعوم تشومسكي؟!
يبقى
أن أقول: إن بعض النظريات الدلالية بُنيتْ كذلك على الفكر المادي الذي يُلغي ما وراء
الطبيعة، لأننا نجد -على سبيل المثال- نظرية التفسير الفيزيائي الجاف لـ"ظاهرة
الكلام" يُلغي تمام الإلغاء تفاعل النفس البشرية مع عملية الكلام، وهذا يؤول بنا
إلى أن نتعامل مع الإنسان كما نتعامل مع الروبوت!
تعليقات
إرسال تعليق