- الأتربة المتفاخرة!

- فضلًا سيدي!
تذكَّرْ قولَ سيِّدِك -عليه السلام-: "مَن بطَّأ به عملُهُ؛ لم يُسرِعْ به نسبُهُ".
فارْمِ عنكَ صفة "الشريف"، إنما الشرف التقوى، وربُّك يقول: "فلا تُزَكُّوا أنفسَكم، هو أعلم بمن اتَّقَى"، وانتهى!
قال أحد أصدقائي: ما دام أننا ما زلنا نتفاخر ببني فلان وفلان؛ فنحن في ذيل الأمم!
وصدق -واللهِ- فإنَّ الولايات المتحدة الأمريكية لم تنشئ المحطَّة الفضائية "ناسا" لكون "جورج واشنطن" من قبيلة بني تميم مثلا، ولا انهزم أدولف هتلر في "بربروسا" لكونه من قبيلة باهلة التي قال فيها الشاعر:
ولو قيل للكلب يا باهليُّ ... عوى الكلبُ مِن لؤم هذا النسبْ!
والحقيقة؛ أن الكلب لا يعوي إلا إذا جاع أو ضربتَهُ بالعصا، والذي يعوي من "التفاهات" هو الإنسان المتخلِّفُ!
كان مجتمع القدوة "مجتمع الصحابة" لا يقبل بهذه التصنيفات الترابية أبدًا، وكلُّ مَن مال إلى هذه الأنساب أدَّبهُ أنَّ في خيرة الأصحاب: بلالًا الحبشيَّ وسلمانَ الفارسيَّ، وهُما من خيار الصحابة -رضي الله عنهم جميعًا-.
ليس هناك نسبٌ شريفٌ، لأن الأنسابَ كلَّها:
من ماءٍ مهينٍ!
من ترابٍ!
من صلصالٍ كالفَخَّار!
والتراب ترابٌ،!
والماء ماء،!
والطين طين!
هلَّا تركْنا الفَخَار بالفَخَّار؟!(*)
________________________
(*) الفَخَار بتخفيف الخاء هو الافتخار بالشيء، وبتشديدها هو الخزف، كذا قال اللغويُّون.

تعليقات