- قيادة المرأة للسيارة

هو شيءٌ جميلٌ، ويعبِّر عن الحضارة الراقية، والذي حرَّمهُ بنى تحريمَهُ من الناحية العلمية -إذا اعتبرنا موقفهم علميًّا- على قواعد ظنِّيَّة ونحن -معشرَ الظاهريِّين- نرفُضُ الظنَّ في الشريعة جملة وتفصيلا لأنه لا يُنتج عملاً، وبنوهُ من ناحية أخرى على بداوةٍ في الفكر!
وقد سمعتُ شيخَنا أبا أسامة الجزائريَّ -في غرداية منذ نحو 6 سنواتٍ- يُسأل عن هذا الأمر فقال: "قيادة المرأة للسيارة فيها فتنةّ فقال السائل: هل يُفتَى بالمنع؟ قال:"نعم؛ قد يُفتَى بالمنع"!!!
فأنا لم أفهم هذه الفتنة التي يقصدها الشيخ؟! والنظرة البدوية للمرأة بأنها فتنة يجعلنا نُقصيها من المجتمع ومن كافة ميادين الحياة، ونحصُرُها في الإنجاب كأنها [آلة إنجاب] والذي يفكِّر هكذا هو ساقط العدالة لأنه ساقط الإنسانية، وهو متشبِّهٌ بالنصارى الذين يعتبرون المرأة [نجاسة وخطيئة]، ولن أحكيَ لكم عن المعاملة النبوية للنساء وأنَّ النبي -عليه السلام- جعل أمهاتِ المؤمنين خيرًا من كبار الصحابة في الدين، لن أحدِّثَكم عن المعاملة النبوية لأنها مبثوثة في كتب السيرة والأحاديث.
والفقيه الوحيد الذي لاقيتُهُ متفتِّحًا وحضاريًّا مع المرأة هو شيخنا الأستاذ أبو أحمد محمد ابن مكِّيٍ المدرِّس بكلية العلوم الإسلامية بالعاصمة، وزوجته التونسية المنقَّبة تسوق السيارة، وأحيانًا يتصل بها على الهاتف ليطلب منها إحضار السيارة إلى الكلية حتى يذهبا إلى المنزل، وكان يعتبر الزوجة مثل الصديق: يمكن الاتفاق والاختلاف معها وكلٌّ يحترم وجهة نظر الآخر دون مصادرة، وكان يعتبر تصرُّفاتِهِ هذه هي منهج السلف الصالح في معاملة المرأة.
وللفائدة؛ فالباحثون أكَّدوا على أن الفقه الحزميَّ -من خلال كتاب المحلى لأبي محمد ابن حزم- يعتبر الفقه الذي أعطى للمرأة الأندلسية مكانةً عالية جدًّا حتى في أمور كانت بمثابة المُسلَّمات عند المسلمين، فابن حزم لا يرى بوجوب خدمة المرأة لزوجها، بل يرى وجوب خدمة الرجل لزوجته! وابن حزم يبيح للمرأة القضاء والعمل في كل المناصب السياسية والإدارية ما عدا منصب الخلافة العظمى فقط، إلى غيرها من المسائل التي تفرَّد بها ابن حزم في الرفع من مكانة المرأة في المجتمع.

تعليقات