- لا؛ لم تنتهِ الأندلس...
كلَّما ضعفتْ قوانا وتراجعتْ إداراكاتنا لقضايا الأمة العظمى؛ وذبل شعورنا
بالمسؤولية تجاهها... رحنا نطويها ونقول: نحن مشغولون بالأهمِّ!!!
لا؛ والله ما انتهت الأندلس يا جماعة!
كان سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُذَكِّر المؤمنين بعهود
الأنبياء، والقرآن الكريم مليءٌ بقصص عظماء العالم (لقد كان في قصصهم عبرة
لأولي الألباب، ما كان حديثا يُفتَرَى..)!
فالتاريخُ الذي تناقلتْهُ الأجيالُ بالنقل الصحيح ليس لهوًا نتضاحك عليه ونسهر به..
بل (عبرة) لأولي الألباب!
لا؛ ما انتهت الأندلس...
في غرب أوروبا؛ هناك جنةٌ من الأرض أرقنا فيها دماءنا، وعفَّرنا فيها
جباهنا، ورفعنا فيها بالأذان أصواتنا، وحكمنا فيها بشريعة ربِّنا، وسللنا
في وجوه أعدائنا سيوفنا، واتبعْنا فيها سنة سلفنا، وعدلْنا فيها بين
رعيَّتنا، وثُرْنا فيها على من ظلمنا، وافتخرنا بأشعارنا فيها بإسلامنا،
ومدحْنا نبيَّنا، وقدَّسْنا إلهنا... في الأندلس كان ذلك!
ثم تقول لي: انتهت الأندلس؟!!!
لا؛ ما انتهتْ بلدةٌ أخرجتْ لنا: يحيى بن يحيى إمام المالكية وناشر مذهب أهل المدينة في الغرب الإسلامي.
وبقيَّ بن مَخلَدٍ مُنشئ مدرسة الحديث والجاريَ في مضمار البخاري ومسلم في فنون الحديث.
وابنَ وضَّاحٍ القرطبيَّ نظيرَهُ في الطلب.
والمنذرَ بن سعيد البلُّوطيَّ قاضيَ الجماعة بقرطبة؛ مَن سارتْ بعدلِهِ وإنصافه الركبانُ.
وقاسمَ بن أصبغَ البيَّانيَّ فارس الميدان في رواية الآثار.
وأبا بكرٍ الزَّبيديَّ صاحب اللغة وحاميَ حمى الفصاحة.
وابن حزمٍ الذي اقترن اسمُهُ باسم الحبيبة (الأندلس)، ناشر مذهب أهل الظاهر.
وابن عبد البرِّ مَن كانت له المنَّةُ على كل المالكية في خدمة الموطَّإ.
وابنَ السِّـيـد البطليوسيَّ وهو فراهيديُّ زمانه.
وأبا عمرٍو الدانيَّ صاحب القراءات، ومَن لا يصحُّ سند القراءات إلا به!
وأبا إسحاق الشاطبيَّ واضع علم المقاصد، ومبتكر هذا الفنِّ العظيم.
وابنَ عربيٍّ المُرسيَّ الحاتميَّ شيخَ الطائفة الصوفية، الذي أبهر الناس بإشاراته.
يا صاحبي! رحم الله قلبَكَ!
لا؛ وألف (لا)... أتقرأ هذا ثم تقول: انتهت الأندلس؟!!!
تعليقات
إرسال تعليق