- نكساتٌ خلال 100 عام


- كلَّ مرةٍ تزيدُ قناعتي بمدى "السذاجة" و"ضعف العقول" الذي يتمتَّعُ به مَن يُسمَّوْن بـ"الإسلاميِّين" بكلِّ أطيافهم: أصحاب السلاح وأصحاب الآراء، وإلى حدِّ الآن -ومنذ سقوط الخلافة- لم نجدْ مَن رسم "مشروعًا عبقريًّا" لاسترجاع المجد الضائع، أقول: مشروع؛ وليس مجردَ أفكارٍ جزئيَّة في قضايا عابرة!
وهذه "السذاجة" البادي عُوارُها لكلِّ مبصِرٍ؛ هي التي تجعل العلمانجيِّينَ يستغلُّونَ الفرصةَ للطعن بالإسلام والإطاحة بالتيَّار الإسلاميِّ، لا جَرَم وأنها فرصةٌ كبرى للعدوِّ الخارجيِّ بكلِّ المقاييس!!
الإسلام لا يريدُ عاطفةً عمياءَ تورثُ الناس المهالكَ، وليست "السِّلميَّةُ" ولا "الجهاديَّةُ" -بالصورة التي يتبنَّاها الفريقان اليومَ- هي التي تصل بنا إلى شارع النجاة؛ كلاَّ! فالقضيَّةُ أعمقُ ممَّا ينظِّرُ له "الإخوان" و"القاعدة وفروعها"، ولن أتكلم عن "السلفيَّة" لأنَّه ليس لها مشروعٌ سياسيٌّ، غاية أمرها: طاعة المتغلِّب!! فقد كفوْنا أمرَهُمْ! ومع ذلك: فميولهمْ مع "الدولة العميقة" يعطِّلُ التحرُّرَ، وللأسف!
المتحمِّسون لتلك الجماعات الحاملة للسلاح -والتي لا نشكُّ أنها تقتل النفوس التي حرَّم اللهُ تعالى-؛ هؤلاء يعيشون أحلامَ "الدولة الإسلامية" و"الخلافة الراشدة"، وهذا يَنُمُّ عن نفوسٍ يائسة من حال الأمَّـة، وشخصيَّاتٍ ضعيفة، لأن القويَّ عليه أن يضبط نفسَهُ مع الواقع، وعليه يبني خطواتِهِ التاليةَ في التغيير الإيجابيِّ!
هذا يعني: أن يكونوا أكثرَ واقعيَّةً، خصوصًا حين يفكِّرون في المواجهة المسلَّحة مع كلِّ من يعتبرونه "كافرًا"، فهذا "الكافر" كثيرُ العدد جسيم العتاد!! وبنادق الصيد لا تفري فَرْيَ المقاتلات اللواتي يقبعنَ في حاملة الطائرات وهي جاثمةٌ على صدر المحيط المتلاطم!!
ويُروَى عن سيدنا عمر بن الخطَّاب -وهو القدوة والأسوة في هذا الباب خاصةً- أنه قال: إنكم لا تُنصرون على عدوِّكم بكثرة سلاح؛ وإنما ينصركم الله بالإيمان، فإذا استويتم أنتم وإياهم في المعصية كان النصر لهم! أو كما قال الفاروق -عليه رضوان الله-.
أيَّ إيمانٍ يا جماعة! وأيَّ سلاحٍ عندنا !!
فهلاَّ رجعنا لعقولنا -هنيهةً- وهلاَّ كنا أكثرَ "واقعيَّةً"؟!!!
وقد رأيتم شيوخَ الفقه الذين لم تُخْطِئْهُمْ حبائل التناقض، فاضطربوا في فتاويهم كلَّ اضطرابٍ، وكفَّروا وزندقوا ووزَّعوا الشهادات وأسقطوا الروايات على جيوشٍ متخاذلة، وهم -بعد ذلك- في قصورٍ من زجاجٍ، ويستمتعون بالتدفُّق العالي وآلاف المعجبين من أنحاء أوروبا وأمريكا الشمالية، ويستمتعون بالميزات المذهلة لـ"تويتر" و"فيسبوك"، ويستمتعون بخدمات "الجيل الثالث" و"الجيل الرابع" ليمرروا فتاويهم ويموت من جرَّائها "جيلٌ عربيٌّ خامسٌ" لا ذنبَ له سوى "الغفلة" و "أنَّ أهل العلم لم يحملوا الأمانة السماويَّةَ بحقٍّ"!!
فاللهَ اللهَ في هذه الأمةِ يا فقهاء الزمان، ويا مناهج العصر المحتدم، علينا جميعًا أن نحترم عقولنا، وأن نؤمن بالواقع -لا رضًى به- وإنما حتى نعرف كيف نتصرَّفُ.
أتمنَّى لكم أوقاتًا طيبةً أحبائي في كلِّ مكان!!

تعليقات