-
هذه قصيدةٌ هزلية على أتباع المذهب الحنفي، ليستْ خارجةً عن بابة النوادر
والمُلَح، غير داخلة في باب الجدِّ والفَصل، وحاشا أن نقع في أعراض عامة
المسلمين فكيف بعلمائهم؟! وكيف بالإمام المبجَّل والصدر الأعظم أبي حنيفة
النعمان بن ثابت الكوفي -عليه غيوث الرحمة-، ولم أقصدْ فيها إلى غمزه -رضي
الله عنه- في الحديث وأنه ضعيف لا تحتمل منه الأخبار، وإن كان قد اختلف
النقاد في روايته فلم يكن ذلك إلا عصبية مذهبية بين بعض المتعنِّتين من أهل
الحديث وبين أهل الفقه والرأي، وهذا الشافعي فقيه المحدِّثين قد ضعَّفه
الإمام أبو زكريا يحيى بن معين، فقال المحققون: ما عاب ابنُ معين إلا نفسه،
وما أبان إلا عيبَه، وما ضرَّ الشافعيَّ -وهو البحر المتلاطم وشعلةُ
الذكاء وآية الحفظ- أن يثلمه ابن معين وهو ممن ليس له حظٌّ في الفتيا، وقد
سئل عن صغار المسائل فقال: اسأل عن هذا العلماء! والخبر موجودٌ في ترجمته،
والقول عينه في أبي حنيفة، تسوَّر عليه بعض المحدِّثين بالطعن، فذهبوا وبقي
شيخ الكوفة وفقيه المشرق زينة الفقهاء وخيرة العلماء، رحم الله كافَّتهم،
ورضي عن جميعهم، وشملنا بعفوهم، وأنالنا من علومهم ومعارفهم، وبالله
التوفيق!
__________________
(مُناجاةٌ حنفيَّةٌ)
سمعتُ مقالةً فيها احتيالٌ ... فقلت: لعلها لأبي حنيفه
وكانت قربَ مجلسنا (فتاةٌ) ... كأن وقارها مثل الخليفه
فلما بُلِّغتْ ما قلتُ فيه ... كأمِّ الشبل مزَّقَتِ الصحيفه
وقالت: أنت مجنونٌ غبيٌّ ... وليس لك البدينة والنحيفه
فأنت وكلُّ من سبقوا عيالٌ ... على شيخِي الإمامِ أبي حنيفه
فقلتُ لها: رعاكِ الله، صبرًا ... فعندي كلُّ أخبارٍ ظريفه
أليس المذهبُ الحنفيُّ يدعو ... إلى ترك الوليِّ عن العفيفه
وأن مذاهب العلماء ردَّتْ ... عليه في مقاماتٍ شريفه
وكان أبو سليمانٍ قويًّا ... على فقهائكمْ من غير حِيفه
وبدَّ فقيهُ قرطبةُ المحلَّى ... إمامكَمُ المعظَّمَ في السقيفه
وقبلُ الشافعيُّ بكلِّ رأيٍ ... سديدٍ زان أوراقَ الصحيفه
رسالته مناظرةٌ لشيخٍ ... مِن الأحناف؛ مثلَ صدى القذيفه
وفي التحديث شيخُكُمُ ضعيفٌ ... وفي الفُتيا مذاهبُكُمْ ضعيفه
وشيخُكُمُ تخادِعُهُ نساءٌ ... يُغـرُّ بحسنِهنَّ وبالقطيفه
فلستُ أرى لكمْ إلا اعتناقًا ... لمذهبِ مَن قواعده حصيفه
وأعني الظاهريةَ إنَّ فيها ... أمانًا للذي تعروهُ خيفه
تعليقات
إرسال تعليق