- بين أبي العباس المبرِّد وأبي عثمان الجاحظ

- بين أبي العباس المبرِّد وأبي عثمان الجاحظ؛ وكلاهما في عصرٍ واحدٍ، وثقافتها واحدة، المبرِّدُ يوصف بالسًّنَّــة، والجاحظ بالاعتزال، وليس لأحدٍ منهما عنايةٌ بالأسانيد، وقد خيَّم الجفافُ على أساليب المبرِّد -كأنما أخذ من لَقَبِهِ شيئًا- وزاد على ذلك حين خلط في كتابه قياسَ أهل البصرة واعترض به على كلام العرب، وبدل أن يجعله خالصًا محضًا لتفسير اللغة وشرح الألفاظ؛ راح يذكر اختلاف النحاة في الرفع والنصب والجرِّ واحتفى بذلك الأخفشُ فزايد عليه، وقلَّدهُ في سرد الكلام النحوي الجافِّ، بينما كان الجاحظ وفيًّا للعربية قاصدًا إلى تعليم الطلاب صفةَ البيان، ومنهج الفصاحة، وأنحاء البلاغة، إلى ما زان أسلوبَهُ من التنوع الموضوعيِّ وخلط الجدِّ بالهزل، والحزن بالمسرة والبهجة، ولكلٍّ حظٌّ مما أتاحه الله، ومن لم يقرأ لهذين الشيخين ما أدرك من العربية كثيرًا ولا قليلاً، أسأل الله أن ينفعنا ويُغدق علينا بالثقافة!

تعليقات