- إضراب متوحش.

أكثر من شهر ونصف الشهر والإضراب الذي "يشنُّهُ" أساتذة الطور الثانوي بزعامة "الكناباست" متواصلٌ بكل أريحية تظهر على إخواننا هؤلاء، والذين هم مسؤولون عن تقديم الدروس التعليمية والتربوية في مرحلة حساسة جدًّا من أطوار الحياة المدرسية للتلميذ.
منذ سنوات وأنا أحاول إقناع إخواني الأساتذة بضرورة اللجوء إلى وسائل أخرى غير الإضراب، ويبدو أنه لا أذنَ صاغيةٌ يرتدعون إذا سمعوا بها صيحات النذير الذي لا مصلحةَ له في كل ما يجري سوى النطق بكلمة الحق والوقوف إلى صف التلاميذ الذين لم يجدوا قوة يستندون إليها في المطالبة بحقوقهم في التعليم!
اللومُ موجَّهٌ إلى جمعيات أولياء التلاميذ، وإلى الأولياء الذين لهم مكانةٌ في دوائر صنع القرار حتى يضغطوا على نقابات التربية للتوقف عن هذا "الإضراب المتوحش" الذي كسر جميع المبادئ وأخلاقيات المهنة والعمل وتجاوز حدود الشرف لوظيفة التعليم والتربية!
يمكنني القول بكل صراحة: ليس هناك في إضرابكم هذا أيُّ مصلحة حقيقية للتلاميذ، أنتم تبحثون فقط عن جشع مادِّيٍّ لا ينتهي ولن ينتهي إلا كما قال سيد المعلِّمين -عليه السلام-: "ولا يملأ فمَ ابنِ آدم إلا الترابُ"، وما دام أن مطالبكم في معظمها مادِّيَّةٌ ولخدمة مصالحكم المادية فإنه إضرابٌ لا ينتهي إلا حين تفارقون الدنيا وتفارقون كل ملذَّاتِها التي ملأتم الدنيا صياحًا بأنها ضاعت منكم، وأن الوزارة قد هضمتْ حقوقكم فيها.
أنا أخاطب فيكم الروح الإنسانية، إذا تلاشت مبادئ الإسلام في قلوبكم، وتلاشتْ مبادئ القانون في ضمائركم، فهلَّا حافظتم على إنسانيَّتكم؟
أريد واحدًا منكم يخبرني عن مصلحة حقيقية واحدة يكتسبها التلاميذ من إضرابكم هذا؟
وأقول لكم: لا نورية ابن غبريط، ولا المسؤول الأعلى في الدولة يتضرر من إضرابكم هذا ولو دام آلاف السنين الضوئية، ولن تتأذى خزينة الدولة ولو ملأوا جيوبكم وعقولكم دنانير، ولكنَّ هناك جيلًا تسحقونه بأيديكم وتعملون مع الدولة الفاسدة على تضييعه وتعريضه للانهيار العلمي والأخلاقي في مجتمع يتىكل يوميًّا جرَّاءَ موجات التغريب والتهريب!
أنتم مسؤولون أمام الله، أنتم مسؤولون أمام ضمائركم... 
"لمن كان له قلبٌ أو ألقى السمعَ وهو شهيدٌ"!

تعليقات